responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 745
مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْمَنْزِلِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: صِبْغَةَ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَالتَّقْدِيرُ فِي الْآيَةِ أَدَقُّ مِنْ تَقْدِيرِ بَيْتِ أَبِي تَمَّامٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَادَةِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى [الْبَقَرَة: 135] عَلَى مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ التَّعْمِيدِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً إِنْكَارِيٌّ وَمَعْنَاهُ لَا أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ فِي شَأْنِ صِبْغَتِهِ، فَانْتَصَبَ (صِبْغَةَ) عَلَى التَّمْيِيزِ، تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنْ مُبْتَدَأٍ ثَانٍ يُقَدَّرُ بَعْدَ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ أَحْسَنُ وَالتَّقْدِيرُ وَمَنْ صِبْغَتُهُ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ أَيْ مِنْ صِبْغَةِ اللَّهِ قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي «الْبَحْرِ الْمُحِيطِ» : وَقُلْ مَا ذَكَرَ النُّحَاةُ فِي التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنِ الْمُبْتَدَأِ.
وَقَدْ تَأْتِي بِهَذَا التَّحْوِيلِ فِي التَّمْيِيزِ إِيجَازٌ بَدِيعٌ إِذْ حُذِفَ كَلِمَتَانِ بِدُونِ لَبْسٍ فَإِنَّهُ لَمَّا أُسْنِدَتِ الْأَحْسَنِيَّةُ إِلَى مَنْ جَازَ دُخُولُ مَنِ التَّفْضِيلِيَّةُ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ لِأَنَّ
ذَلِكَ التَّحْوِيلَ جَعَلَ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ صِبْغَةُ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِانْتِفَاءِ الْأَحْسَنِيَّةُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُضَافُ الْمُقَدَّرُ أَيْ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ صِبْغَةِ اللَّهِ.
وَجُمْلَةُ وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ عَطْفٌ عَلَى آمَنَّا وَفِي تَقْدِيمِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى عَامِلِهِ فِي قَوْلِهِ: لَهُ عابِدُونَ إِفَادَةُ قَصْرٍ إِضَافِيٍّ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ اصْطَبَغُوا بِالْمَعْمُودِيَّةِ لَكِنَّهُمْ عبدُوا الْمَسِيح.
[139]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]
قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)
قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) .
اسْتِئْنَافٌ عَنْ قَوْلِهِ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ [الْبَقَرَة: 136] كَمَا تقدم هُنَا لَك، وتُحَاجُّونَنا خِطَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ جَوَابُ كَلَامِهُمُ السَّابِقُ وَلِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى [الْبَقَرَة: 140] .
وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّعَجُّبِ وَالتَّوْبِيخِ، وَمَعْنَى الْمُحَاجَّةُ فِي اللَّهِ الْجِدَال فِي شؤونه بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ إِذْ لَا مُحَاجَّةَ فِي الذَّاتِ بِمَا هِيَ ذَاتٌ وَالْمُرَادُ الشَّأْنُ الَّذِي حَمَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَاجَّةِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ وَهُوَ مَا تَضَمَّنَتْهُ بَعْثَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ نَسَخَ شَرِيعَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَنَّهُ فَضَّلَهُ وَفَضَّلَ أُمَّتَهُ، وَمُحَاجَّتَهُمْ رَاجِعَةٌ إِلَى الْحَسَدِ وَاعْتِقَادِ اخْتِصَاصِهِمْ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَامَتِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 745
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست